الصلح العشائري
صفحة 1 من اصل 1
الصلح العشائري
الفصل الثاني
المصطلحات والمفاهيم العرفية للمطالبة بالحق
البدوة
ورد في اللغة معنى لكلمة بدا أي ظهر، يقال بداوة الشيء أي أول ما يبدو منه وبادئ الرأي أي ظاهره وبدا له في الأمر أي تشكل له فيه رأي. [30]
البدوة هي أن تقوم جماعة من الناس الكرام المعتدلين المعروفين بالنزاهة والحكمة والعدل وإصلاح ذات البين [وجهاء الناس ] يذهبون إلى شخص غير مقر وغير معترف بحق لدى شخص آخر يطلبون له الحق من اجل إيصاله له.
والبدوة في العُرف العشيري عبارة عن حق واضح عند شخص ما لا يعترف به، يجمع صاحب الحق خمسة رجال أو ستة، كل واحد منهم من عائلة يتوجهون إلى منكر الحق، وإذا لم يقر بما يطالب به يمنح صاحب الحق صلاحية انتزاع حقه ولا يُدان، أما إذا اتضحت براءة المتهم أمام الناس عما استند إليه في حضور الجماعة " البدوة " فإن الجماعة تتوجه إلى بيت الملم.
والبدوة هي تذكير وتحذير وإنذار من أهل المعتدى عليه لأهل المعتدي الذين تخلفوا عن إعطاء الحق بعدما وقع الاعتداء وهدفها إيقاف المضاعفات والخصومات وإحلال الوئام بين المتخاصمين، وفي حال رفض المعتدي إعطاء الحق يذهب المعتدى عليه إلى عشيرة قوية ويطنب عليها لتحصيل حقه، فتصبح العشيرة مسؤولة عن تحصيل الحق حسماً للنزاعات بين الطرفين.
بيت اَلملَمْ
هو البيت الذي يجتمع فيه طرفا الخصام. ويقدم كل منهما حجته أمام صاحب البيت، بعد الاستماع إلى الجهتين يقوم صاحب البيت والذي يُعرف في العرف العشيري "برباط اَلملم " أو دفان الحصى ويحث على الصلح بداية، وفي حالة تعذر الوصول إلى إصلاح يحيل المتخاصمين إلى أحد رجالات الإصلاح بعدتعيين كفيل لكل طرف، وإذا تخلف أحد الطرفين عن الموعد المحدد بدون عذر مقبول [فلاجات ] [31]عن الموعد المحدد يكون هو الخاسر.
والخصم المطالب بحقه هو الذي يبدأ بالإدلاء بحجته عن طلبه، وإذا حصل الصلح عند صاحب البيت تنتهي المشكلة، وإذا لم يتفق الفريقان على حل عند صاحب البيت يحولهم إلى رجل إصلاح عشيري. (فبيت الملم هو شيخ يفتح محله ويستقبل المتخاصمين ويبدأ بفتح الحوار والكلام بينهما)، وبعد أن يدلي كل خصم بحجته يجري تعيين مخاطيط (رجالات الإصلاح المعروفة بنزاهتها وقدرتها على الإصلاح) والمطالب بالحق يدفعه مضاعفاً وللطالب الحق في اختيار واحدٍ بين الثلاثة.
ويشترط في صاحب البيت الذي يجتمع عنده المتخاصمان النزاهة والحياد وعدم التحيز لأي طرف وكذلك الأمانة في نقل الكلام.
يعرف المَلَمْ بمسميات عديدة في العرف العشيري منها رباط العلم، السامعة، دفان الحصى.
العطـــوة
العطاوي جمع عطوة وتعني "الفترة الزمنية التي يمنحها أهل المجني عليه للجاني وأهله أو لأهله فقط وذلك بعد وقوع الجناية مباشرة، فيتوسط في العطوة أهل الخير " الجاهة"، ويعتمد عليها المصلحون كأول خطوة في حل مشكلات الناس منذ وقوع الجناية نظراً لتوتر النفوس وتحركها نحو الشر وتأهب الطرفين للصد والرد والضرب والقتل".[32] و هي هدنة تؤخذ بين المتخاصمين يعقدها وجهاء القوم بحيث تمنع الاعتداء من كلا الطرفين على بعضهما البعض مكفولة بوجهاء يضمنون عدم الاعتداء.
والعطوة تؤخذ في الدم والعرض والطوشات والتهديد وأخذ مال الغير والبوق والسرقة وتؤخذ كذلك بين الشركاء في الحسابات والأرض والحوانيت وكل شئ ماعدا الحالات التالية التي لا تؤخذ فيها عطوة وهي :
1-رجل وقع في بئر مغلق ومحكم الإغلاق.
2- والد ضرب ابنه من أجل تأديبه.
3- زوج ضرب زوجته ضرباً غير مبرح.
4 – رجل وقع عليه بيته فمات.
5- رجل ضربته دابة مربوطة لم يسبق لها أن ضربت شخصاً من قبل.
وقد فصّل رجالت الإصلاح العطوة وفراشها فقال : أن مقدار العطوة هي ألف دينار تكون فراش عطوة و [25] دينار هي مروق عطوة في القتل الخطأ. ومدة العطوة في القتل العمد ثلاثة اشهر أو ستة اشهر أو سنة أما القتل الخطأ فتكون مدتها سنة كاملة. ويقتصر فراش العطوة على سكان فلسطين وخاصة منطقة الخليل. وفراش العطوة لا يؤخذ في منطقة البلقاء.و يؤخذ في جنوب الأردن، ويؤخذ في شمال الأردن تحت اسم دخالة.
وقد قسم رجالات الإصلاح العطوة إلى أقسام منها عطوة الإقرار وهي العطوة التي كانت تدفع على قسطين لكل منهما 25دينار أما الآن فتتراوح من 5000 دينار إلى 20 ألف دينار وتدفع خلال عام من العطوة الأولى حيث تنتهي بالطيب في نهاية العام.
والجاني لا يذهب بل يرسل جاهه لأخذ العطوة إلى بيت المصاب أو المجني عليه معترفاً بجميع التهم المقدمة أو المنسوبة إليه ولا ينكرها ويقول أنا حاضر بكل ما يلزم لك يوم الطيب.
وتسمى كذلك عطوة "كم ولَمْ" للطرفين وإقرار ومثال ذلك أنه إذا تخاصم شخصان وحصلت بينهما مشاكل وإصابات تؤخذ عطوة للطرفين كم ولم كل واحد منهما يبرز إصاباته أمام القصاص والقصاص يقدر الإصابات.
وتعطى عطوة الإقرار لفترة زمنية يقررها المصلحون بالاتفاق مع المعتدى عليه بعد الاعتراف والإقرار له بالذنب. وبالتالي يحددون مدة زمنية لإعطائه الحق أمام القاضي أو في بيته معترفين بالذنب ومستمعين بما يحكم القاضي للمعتدى عليه بعد أن يثبت له الحق.
فهي هدنة يُقر بموجبها المعتدي بعدوانه على الطرف الآخر ويكفلها وجهاء لدفع ما يترتب عليه من حقوق ويكفلها كفلاء منع وهم الذين يكفلون عدم رد الاعتداء حتى يأخذ صاحب الحق حقه حسب الطرق العشيرية المتبعة.
وتهدف العطوة إلى حجز الشر حتى يحال دون وقوع قتلى أو جرحى والحيلولة دون تخريب الممتلكات والعقارات والأراضي والمزروعات والحيوانات.
فراش العطوة
مبلغ من المال متعارف عليه يدفعه الوسطاء لأهل المعتدى عليه من مال المعتدى وكان هذا المبلغ بمثابة رمز على بداية خطوات قائمة على التفاهم والتفاوض والتصالح يتمثل في إجراء العطوة الأولى بين الخصمين المتنازعين ويدفع فراش العطوة في قضايا الدم والعرض وقيمته محددة بألف وخمسة وعشرين دينار فقط.
عطوة المنشد :
تؤخذ لمدة 15 يوم بطلب صاحب الحق عطوة المنشد ويحدد المنشد المطلوب من بين المعروفين من بيوت المنشد في فلسطين في قضايا العرض والدم، والمنشد أعلى سلطة في العرف العشائري ويسمى في الأردن راعي القلطة.
العطوة الناقصة "غير التامة" :
تشمل جميع أفراد عشيرة الجاني ما عدا الجاني الذي يهدر دمه من قبل عشيرته وعشيرة المجني عليه إذا كانت جريمته منافية للأخلاق والعادات والأعراف المتبعة عشيرياً.
عطوة الإنكار :
هي فترة زمنية يُعينها وجوه الخير بين المتخاصمين وتسمى عطوة حق [على حق]. وبعد انتهاء الفترة يقوم المصلحون بالإصلاح بين المتخاصمين وإن لم يتمكنوا يحولون الفرقاء إلى قاضي لفك النزاع.
وعطوة الإنكار هدنة تؤخذ لمنع الاعتداءات بين المتخاصمين وفي نهايتها يتقاضى المتخاصمان عند قاضٍ ويقدم كل طرف ما لديه من دعاوى وإثباتات، أي أنه يحق لكل من المتداعيين أن يدافع عن وجهة نظره أمام القاضي.
وإذا أنكر الجاني التهم المنسوبة إليه يقوم رجال الإصلاح بأخذ عطوة تسمى عطوة الإنكار (ويدفع الجاني إن كان قد ارتكب جريمة قتل أو انتهاك عرض دخالة مقدارها ما يقارب 1000 دينار)، وإذا استمر إنكاره يحلف يميناً بخمسة. وعندما يتهم الناس أحداً وينكر هذا ما نُسب إليه تؤخذ عطوة إنكار حتى يظهر الحق والشهود ولذا قيل : البينة لمن ادعى واليمين على من أنكر.
ترُمى وجوه كفل على الطرفين، ويشد علم بينهما حسب القضاء العشيري. ومنهم من قال بأنه لا توجد في العادات العشير ية عطوة اسمها عطوة إنكار ويسميها البعض بعطوة أمنية أو عطوة شرف.
وفي هذه الحالة يكون المتهم بريئاً ما لم تثبت إدانته بالأدلة أو الشهود ويبقى منكراً أمام القاضي والقصاص، وبعد سماع الحجج من الطرفين يقرر رجل الإصلاح تبرئة الجاني أو إدانته.
عطوة تفتيش
هي كلمه دخيلة لأنه لا توجد عطوة تفتيش وهي من أيام الاحتلال فقط، قبل ذلك كانت تعقد هدنة بين الطرفين لتقصي الحقائق إذا وقعت إصابات بين خصمين حفظاً للأمن ومن أجل تدخل رجالات الإصلاح لوقف المشاكل وحقن الدماء.
وعطوة التفتيش تستغرق فترة زمنية يحددها المصلحون من أجل البحث والتفتيش عن المذنب الحقيقي فإن وقعت أيديهم عليه أخذوا الحق منه، وإلا تنتهي الخصومة.
وقد تعطى فترة محددة يتم خلالها تفتيش المصاب، ثم تقرر الجاهة الاعتراف أو الإنكار.
ويجب أن يعزز فيها كفيل لإظهار الحق، ولدى انتهاء الموعد يعطى الجاني عطوة من المجني عليه. وقد يكون المتهم فيها أكثر من شخص فتؤخذ عطوة تفتيش في حالة وجود قضية ضد مجهول إلى حين معرفة الجاني الحقيقي.
وفي ظل انتشار الطابور الخامس وعيون الاحتلال وأعوانه كان هناك تصفيات لقادة وطنيين وسياسيين. وفي هذه الحالة لا يُعرف الجاني. فيقوم أهل المجني عليه بتوجيه التهم لأناس تدور حولهم شكوك أو أدلة مقنعة بالتعاون مع الاحتلال، فتؤخذ عطوة تفتيش للبحث والتقصي من قبل المجني عليه لإثبات التهمة أو المتهم للتخلص من التهمة بإيجاد شاهد، والذي يعرف في العرف العشيري" بالمتحلي" أي الشخص الذي يجيء من وراء ستار ويتفق مع أهل المجني عليه على مبلغ من المال مقابل تقديم الأدلة والإثباتات التي تدين المتهم في القضية.
عطوة الإقبال :
هي هدنة أو نهاية العطاوي تؤخذ لمدة سنة وفي نهايتها يحق للجاني أن يقبل على بيت المجني عليه بمصاحبة جاهة كبرى لدفع الحق والإصلاح وغالباً ما تكون في حالات القتل.
تعطى هذه العطوة بعد العطوة الأولى في العمد والعطوة الثانية والثالثة ويُدفع في العطوة الأولى [1025دينار] وفي الثانية[500] وفي الثالثة [250] ديناراً وعطوة الإقبال قد تكون لشهر، شهرين أو ثلاثة وأقصى مدة لها سنة بعدها تتم الطيبة.
وتعطى بعد اعتراف الجاني لإجراء الصلح ومراسيمه حسب العادات المعترف فيها.
كما تعطى في "جرائم القتل" بعد انتهاء العطاوي الثلاث في الدم [القتيل] بعد السنة الثالثة من العطوة الأولى، وتعطى العطوة الثالثة بعد 4-6 أشهر حتى يتمكن الجاني من تحصيل مصاريف الطيب …
وتقتصر عطوة الإقبال على القتل العمد لتتوفر فرصة لعودة ذوي الجاني حيث تم ترحيلهم لمدة ثلاث إلى سبع سنوات عن أرضهم وبلدهم.
وعطوة الإقبال تمهيد لعودة أهل الجاني إلى مكان سكناهم وتحدد مدتها من يوم إلى شهر ويتم الصلح خلال هذه الفترة في وجود الكفلاء بين الطرفين المتنازعين في قضايا القتل العمد، وفي حال تقطيع الوجه من قبل أهل المجني عليه.
لبّاس الثوب
رجل من المصلحين، والأفضل أن يكون من الأغنياء الكرام يظهر في حالة أخذ عطوة إقرار واعتراف بالذنب من المعتدى عليه، يطلبه ويعينه المعتدى عليه حتى يكون في متناول اليد لدفع أي مبلغ يترتب على الجاني.[33]
يتكفل لبّاس الثوب بدفع كافة ما يُطلب من الجاني للمجني عليه أو ذويه (كفيل دفع)، ويكون بمثابة الوكيل أو النائب عن الجاني أمام أهل المجني عليه والكفل، يلبس ثوب الجاني ويتنقل بين الجاني والمجني عليه، وسمي بهذا الاسم لان الناس كانوا يلبسون ثياباً مميزة في القديم عند القضاء ويكون بمثابة الأخرس[34] ولا يتكلم وما عليه ألاّ الدفع، ويقوم مقام الغريم أمام القوة الطاردة وهو الذي يدفع كل ما رضيت به الجاهة ولا يحق لصاحب الحق ولا للذي عليه الحق أن يرفض لباس الثوب كما لا يحق للباس الثوب الانسحاب من القضية إلا بعد انتهائها.
لبّاس الثوب مفهوم استخدم في عهد الاحتلال، وهو عرف عشيري تداول به الناس في منطقة الخليل بعد العام 1967م – وأصبح المصطلح منتشراً في فلسطين ولكن لا يُعمل به في الأردن أو الدول العربية الأخرى، وكان يسمى قديماً بقائد الجاهة التي تحضر لإجراء الطيب فهو ملزم بكل ما تقوم الجاهة به ومقام الغريم ويجوز للخصم أن يُلزم شخصاً آخر غير قائد الجاهة ليدافع أو يلتزم بما يحكم به القاضي أو ترتضيه الجاهة.
الجـا هــة
الجاهة : عدد من الرجال وما يصطحبونه من لوازم الجاهة.
اما الوجه، فهو الشخص الذي يكون بمثابة الكفيل، ولدى تخلي احد الطرفين عما التزم به ويقترف المخالفات، يكون عرضه للمخالفات حسب ما ترتضيه الجاهة.
والجاهة مجموعة من الناس يتوجهون لبيت المعتدى عليه، وهناك يوضع كفيل على كل ما تتفق عليه الجاهة، ويصبح الشخص الذي يتزل في الوجه هو الخاسر ويجلس عند المنشد.
تتشكل الجاهة من وجهاء القرية او المحافظة وتطلب عطوة بين المتخاصمين على كل خصم وجه ليكفل عدم وقوع المشاكل اما في حالة الاخلال بالوجه فيكون الجاني مغرماً بما يفرضه عليه القاضي، وفي حالة اعطاء وجه غيابي، يكون بمثابة الحاضر حقيقةً ويحمي صاحبه. واذا نزل في وجه الكفيل (الغائب) فحكمه كحكم الحاضر.
الوجه وحقوق الوجه
ساد في المنطقة وجوه يعينون من غير الحضور لكفالة الخصمين (كوجه ابو عرام [35] ووجة ابو اربيعة ووجه ابو عامرية)، وهذه الوجوه اسمها محمي ان كان حاضراً او غائباً [36] ولا يسمح لاي كان ان ينزل في الوجه لانه يترتب عليه التزامات عشيرية كبرى.
الكفالة والكفيل وأنواعها
الكفالة – هي ضم نفس إلى نفس في حالة جناية أو اقتراف (ارتكاب) ذنب أو خصومة بحيث يكون الكفيل جاهزاً لإحضار الذي يكفله بأية صورة وضمان ما يترتب عليه من واجبات.
والكفالة نسبة من المال تقتطع لصالح الكفيل في حالة كون الكفالة خاصة بتسديد أموال منقولة أو أية أموال أخرى وتؤخذ من المكفول له بنسبة معروفة عند الناس وتقدر ب 10%.
والكفالة ضمان والكفيل هو الرجل الذي يكفل والكفالة أنواع منها :
- كفيل دفع – أي دفع كافة ما يستحق المجني عليه [صاحب الحق].
- كفيل منع أو كفيل سوق – حماية الجاني وإحضاره للمجالس كلما طلب ذلك.
- كفيل دفا- حماية الجاني من اعتداءات المجني عليه، وهو الذي يُعرف اليوم بلباس الثوب.
- كفيل دفع -يدفع ما يفرض على الجاني من أموال أمام القضاء.
- كفيل على الحق- كفيل على الجهتين على الجاني وعلى المجني عليه.
وفي حالة دفع الكفيل من جيبه وامتناع الجاني عن الدفع يأخذ الكفيل ضعف ما دفعه من الجاني بحضور رجل اسمه قرَّاع مال.
الدخالة والطنيب – دخالة دم ودخالة عرض
الدخالة – حالة تكون في ارتكاب الجاني كبيرة من الكبائر كالعرض أو الدم فيذهب الجاني خوفاً على نفسه إلى رجل مصلح عزيز في قومه صاحب مال ورجال ويطلب منه الحماية أي يدخل تحت حمايته فيلبي الرجل ذلك ثم يتصل بأهله وبالمعنيين ويقوم هذا العزيز بإجراء ما يلزم لفك النزاع والخصام بين الأطراف.
والدخيل – رجل ضعيف لا قوة له ولا مال، إذا اعتدى عليه أحد الناس الأقوياء وسلب ما عنده أو هتك عرضه أو قتل له إنساناً يقوم ويلتجئ إلى رجل قوي صاحب مال وقوة ويُدخل عليه من أجل أن يحصل له حقه من الجاني.
والدخالة تكون للدم المنُكر ولانتهاك العرض ولا يجاب على الدم إلاّ بعد دفع دخالة.
أما الطنيب- فهو شخص ضعيف وخصمه أقوى منه ولا يريد أن يعطيه حقه فيلجأ الضعيف إلى رجل يكون قوياً ويُطنب عليه لأخذ حقوقه من المنُكر والطنيب لا يأخذ فلوساً مثل الدخالة وشبهها.
في العرف العشيري السائد كان الضعيف يضطر إلى النزوح عن مسكنه والنزول بجوار من يحمونه ويجيرونه، ويقوم المجير بحماية جاره "طنيبه"، ويعطيه أغناماً ومواشي وأرضاً لزرعها ويعيش من ورائها.
وأما القصير فيُعرف بأن يحتمي أو يتدفأ في وجه فلان حاضراً أو غائباً ولصاحب الوجه أن يطالب بحقه.
ومن الحركات المصاحبة للدخالة هي عقد حطة صاحب البيت أو المسك بعمود البيت أو القول أنا داخل على الله ثم داخِل عليك أن تحصل لي حقي من فلان ويكون الرد أبشر ياحياك الله على اللي أقدر عليه.[37]
وإذا دخل المحتمي إلى بيت فيه نساء [ حريم ] وجبت حمايته وتقف النسوة دفاعاً عنه وعن شرف البيت.
المعدود
المعدود أو ما يسمى بـ [قرش الدم] يدفع ثلثه فقط والباقي يوزع على العشيرة إلاّ في حالة العرض والسرقة، ولذلك قيل في المثل الشعبي [السرقة والزنا على صاحبها فقط].
يتفق عصبة الجاني [الأب الأبوة، البنوة، الاخوة، العمومة] أي قريب الرجل كل ذكر يدفع نصيباً. أما في حالة الدية أو الولائم يدفع الجاني الثلث والباقي على الحمولة.
والسبب في ذلك كون الجاني ارتكب الدم باسم عشيرته. وفي ثلث الدم يدفع الجاني المعدود عن أفراد أسرته الذكور مع عشيرته، ومثال ذلك قيمة المبلغ عشرة آلاف دينار أردني، يدفع الجاني 3333 دينار وثلث الدينار ثم يدفع نصيبه مع ذكور أسرته من مبلغ الثلثين الذي تتكفل به العشيرة.
الجريرة :
وهو ما يسوقه الجاني والجاهة معه عند الذهاب لإصلاح ذات البين، أو الطيب، وهي تختلف من حادث إلى آخر في الكم أو النوع، فجريرة القتل يجب أن تشمل عدداً من الذبائح والأرز والسمن وكل ما يلزم لعشاء الجاهة المصاحبة للجريرة، وفي الفترة الأخيرة والحالات العادية أصبحت تقتصر على شوال من الأرز أو السكر أو الاثنين معاً.
المصطلحات والمفاهيم العرفية للمطالبة بالحق
البدوة
ورد في اللغة معنى لكلمة بدا أي ظهر، يقال بداوة الشيء أي أول ما يبدو منه وبادئ الرأي أي ظاهره وبدا له في الأمر أي تشكل له فيه رأي. [30]
البدوة هي أن تقوم جماعة من الناس الكرام المعتدلين المعروفين بالنزاهة والحكمة والعدل وإصلاح ذات البين [وجهاء الناس ] يذهبون إلى شخص غير مقر وغير معترف بحق لدى شخص آخر يطلبون له الحق من اجل إيصاله له.
والبدوة في العُرف العشيري عبارة عن حق واضح عند شخص ما لا يعترف به، يجمع صاحب الحق خمسة رجال أو ستة، كل واحد منهم من عائلة يتوجهون إلى منكر الحق، وإذا لم يقر بما يطالب به يمنح صاحب الحق صلاحية انتزاع حقه ولا يُدان، أما إذا اتضحت براءة المتهم أمام الناس عما استند إليه في حضور الجماعة " البدوة " فإن الجماعة تتوجه إلى بيت الملم.
والبدوة هي تذكير وتحذير وإنذار من أهل المعتدى عليه لأهل المعتدي الذين تخلفوا عن إعطاء الحق بعدما وقع الاعتداء وهدفها إيقاف المضاعفات والخصومات وإحلال الوئام بين المتخاصمين، وفي حال رفض المعتدي إعطاء الحق يذهب المعتدى عليه إلى عشيرة قوية ويطنب عليها لتحصيل حقه، فتصبح العشيرة مسؤولة عن تحصيل الحق حسماً للنزاعات بين الطرفين.
بيت اَلملَمْ
هو البيت الذي يجتمع فيه طرفا الخصام. ويقدم كل منهما حجته أمام صاحب البيت، بعد الاستماع إلى الجهتين يقوم صاحب البيت والذي يُعرف في العرف العشيري "برباط اَلملم " أو دفان الحصى ويحث على الصلح بداية، وفي حالة تعذر الوصول إلى إصلاح يحيل المتخاصمين إلى أحد رجالات الإصلاح بعدتعيين كفيل لكل طرف، وإذا تخلف أحد الطرفين عن الموعد المحدد بدون عذر مقبول [فلاجات ] [31]عن الموعد المحدد يكون هو الخاسر.
والخصم المطالب بحقه هو الذي يبدأ بالإدلاء بحجته عن طلبه، وإذا حصل الصلح عند صاحب البيت تنتهي المشكلة، وإذا لم يتفق الفريقان على حل عند صاحب البيت يحولهم إلى رجل إصلاح عشيري. (فبيت الملم هو شيخ يفتح محله ويستقبل المتخاصمين ويبدأ بفتح الحوار والكلام بينهما)، وبعد أن يدلي كل خصم بحجته يجري تعيين مخاطيط (رجالات الإصلاح المعروفة بنزاهتها وقدرتها على الإصلاح) والمطالب بالحق يدفعه مضاعفاً وللطالب الحق في اختيار واحدٍ بين الثلاثة.
ويشترط في صاحب البيت الذي يجتمع عنده المتخاصمان النزاهة والحياد وعدم التحيز لأي طرف وكذلك الأمانة في نقل الكلام.
يعرف المَلَمْ بمسميات عديدة في العرف العشيري منها رباط العلم، السامعة، دفان الحصى.
العطـــوة
العطاوي جمع عطوة وتعني "الفترة الزمنية التي يمنحها أهل المجني عليه للجاني وأهله أو لأهله فقط وذلك بعد وقوع الجناية مباشرة، فيتوسط في العطوة أهل الخير " الجاهة"، ويعتمد عليها المصلحون كأول خطوة في حل مشكلات الناس منذ وقوع الجناية نظراً لتوتر النفوس وتحركها نحو الشر وتأهب الطرفين للصد والرد والضرب والقتل".[32] و هي هدنة تؤخذ بين المتخاصمين يعقدها وجهاء القوم بحيث تمنع الاعتداء من كلا الطرفين على بعضهما البعض مكفولة بوجهاء يضمنون عدم الاعتداء.
والعطوة تؤخذ في الدم والعرض والطوشات والتهديد وأخذ مال الغير والبوق والسرقة وتؤخذ كذلك بين الشركاء في الحسابات والأرض والحوانيت وكل شئ ماعدا الحالات التالية التي لا تؤخذ فيها عطوة وهي :
1-رجل وقع في بئر مغلق ومحكم الإغلاق.
2- والد ضرب ابنه من أجل تأديبه.
3- زوج ضرب زوجته ضرباً غير مبرح.
4 – رجل وقع عليه بيته فمات.
5- رجل ضربته دابة مربوطة لم يسبق لها أن ضربت شخصاً من قبل.
وقد فصّل رجالت الإصلاح العطوة وفراشها فقال : أن مقدار العطوة هي ألف دينار تكون فراش عطوة و [25] دينار هي مروق عطوة في القتل الخطأ. ومدة العطوة في القتل العمد ثلاثة اشهر أو ستة اشهر أو سنة أما القتل الخطأ فتكون مدتها سنة كاملة. ويقتصر فراش العطوة على سكان فلسطين وخاصة منطقة الخليل. وفراش العطوة لا يؤخذ في منطقة البلقاء.و يؤخذ في جنوب الأردن، ويؤخذ في شمال الأردن تحت اسم دخالة.
وقد قسم رجالات الإصلاح العطوة إلى أقسام منها عطوة الإقرار وهي العطوة التي كانت تدفع على قسطين لكل منهما 25دينار أما الآن فتتراوح من 5000 دينار إلى 20 ألف دينار وتدفع خلال عام من العطوة الأولى حيث تنتهي بالطيب في نهاية العام.
والجاني لا يذهب بل يرسل جاهه لأخذ العطوة إلى بيت المصاب أو المجني عليه معترفاً بجميع التهم المقدمة أو المنسوبة إليه ولا ينكرها ويقول أنا حاضر بكل ما يلزم لك يوم الطيب.
وتسمى كذلك عطوة "كم ولَمْ" للطرفين وإقرار ومثال ذلك أنه إذا تخاصم شخصان وحصلت بينهما مشاكل وإصابات تؤخذ عطوة للطرفين كم ولم كل واحد منهما يبرز إصاباته أمام القصاص والقصاص يقدر الإصابات.
وتعطى عطوة الإقرار لفترة زمنية يقررها المصلحون بالاتفاق مع المعتدى عليه بعد الاعتراف والإقرار له بالذنب. وبالتالي يحددون مدة زمنية لإعطائه الحق أمام القاضي أو في بيته معترفين بالذنب ومستمعين بما يحكم القاضي للمعتدى عليه بعد أن يثبت له الحق.
فهي هدنة يُقر بموجبها المعتدي بعدوانه على الطرف الآخر ويكفلها وجهاء لدفع ما يترتب عليه من حقوق ويكفلها كفلاء منع وهم الذين يكفلون عدم رد الاعتداء حتى يأخذ صاحب الحق حقه حسب الطرق العشيرية المتبعة.
وتهدف العطوة إلى حجز الشر حتى يحال دون وقوع قتلى أو جرحى والحيلولة دون تخريب الممتلكات والعقارات والأراضي والمزروعات والحيوانات.
فراش العطوة
مبلغ من المال متعارف عليه يدفعه الوسطاء لأهل المعتدى عليه من مال المعتدى وكان هذا المبلغ بمثابة رمز على بداية خطوات قائمة على التفاهم والتفاوض والتصالح يتمثل في إجراء العطوة الأولى بين الخصمين المتنازعين ويدفع فراش العطوة في قضايا الدم والعرض وقيمته محددة بألف وخمسة وعشرين دينار فقط.
عطوة المنشد :
تؤخذ لمدة 15 يوم بطلب صاحب الحق عطوة المنشد ويحدد المنشد المطلوب من بين المعروفين من بيوت المنشد في فلسطين في قضايا العرض والدم، والمنشد أعلى سلطة في العرف العشائري ويسمى في الأردن راعي القلطة.
العطوة الناقصة "غير التامة" :
تشمل جميع أفراد عشيرة الجاني ما عدا الجاني الذي يهدر دمه من قبل عشيرته وعشيرة المجني عليه إذا كانت جريمته منافية للأخلاق والعادات والأعراف المتبعة عشيرياً.
عطوة الإنكار :
هي فترة زمنية يُعينها وجوه الخير بين المتخاصمين وتسمى عطوة حق [على حق]. وبعد انتهاء الفترة يقوم المصلحون بالإصلاح بين المتخاصمين وإن لم يتمكنوا يحولون الفرقاء إلى قاضي لفك النزاع.
وعطوة الإنكار هدنة تؤخذ لمنع الاعتداءات بين المتخاصمين وفي نهايتها يتقاضى المتخاصمان عند قاضٍ ويقدم كل طرف ما لديه من دعاوى وإثباتات، أي أنه يحق لكل من المتداعيين أن يدافع عن وجهة نظره أمام القاضي.
وإذا أنكر الجاني التهم المنسوبة إليه يقوم رجال الإصلاح بأخذ عطوة تسمى عطوة الإنكار (ويدفع الجاني إن كان قد ارتكب جريمة قتل أو انتهاك عرض دخالة مقدارها ما يقارب 1000 دينار)، وإذا استمر إنكاره يحلف يميناً بخمسة. وعندما يتهم الناس أحداً وينكر هذا ما نُسب إليه تؤخذ عطوة إنكار حتى يظهر الحق والشهود ولذا قيل : البينة لمن ادعى واليمين على من أنكر.
ترُمى وجوه كفل على الطرفين، ويشد علم بينهما حسب القضاء العشيري. ومنهم من قال بأنه لا توجد في العادات العشير ية عطوة اسمها عطوة إنكار ويسميها البعض بعطوة أمنية أو عطوة شرف.
وفي هذه الحالة يكون المتهم بريئاً ما لم تثبت إدانته بالأدلة أو الشهود ويبقى منكراً أمام القاضي والقصاص، وبعد سماع الحجج من الطرفين يقرر رجل الإصلاح تبرئة الجاني أو إدانته.
عطوة تفتيش
هي كلمه دخيلة لأنه لا توجد عطوة تفتيش وهي من أيام الاحتلال فقط، قبل ذلك كانت تعقد هدنة بين الطرفين لتقصي الحقائق إذا وقعت إصابات بين خصمين حفظاً للأمن ومن أجل تدخل رجالات الإصلاح لوقف المشاكل وحقن الدماء.
وعطوة التفتيش تستغرق فترة زمنية يحددها المصلحون من أجل البحث والتفتيش عن المذنب الحقيقي فإن وقعت أيديهم عليه أخذوا الحق منه، وإلا تنتهي الخصومة.
وقد تعطى فترة محددة يتم خلالها تفتيش المصاب، ثم تقرر الجاهة الاعتراف أو الإنكار.
ويجب أن يعزز فيها كفيل لإظهار الحق، ولدى انتهاء الموعد يعطى الجاني عطوة من المجني عليه. وقد يكون المتهم فيها أكثر من شخص فتؤخذ عطوة تفتيش في حالة وجود قضية ضد مجهول إلى حين معرفة الجاني الحقيقي.
وفي ظل انتشار الطابور الخامس وعيون الاحتلال وأعوانه كان هناك تصفيات لقادة وطنيين وسياسيين. وفي هذه الحالة لا يُعرف الجاني. فيقوم أهل المجني عليه بتوجيه التهم لأناس تدور حولهم شكوك أو أدلة مقنعة بالتعاون مع الاحتلال، فتؤخذ عطوة تفتيش للبحث والتقصي من قبل المجني عليه لإثبات التهمة أو المتهم للتخلص من التهمة بإيجاد شاهد، والذي يعرف في العرف العشيري" بالمتحلي" أي الشخص الذي يجيء من وراء ستار ويتفق مع أهل المجني عليه على مبلغ من المال مقابل تقديم الأدلة والإثباتات التي تدين المتهم في القضية.
عطوة الإقبال :
هي هدنة أو نهاية العطاوي تؤخذ لمدة سنة وفي نهايتها يحق للجاني أن يقبل على بيت المجني عليه بمصاحبة جاهة كبرى لدفع الحق والإصلاح وغالباً ما تكون في حالات القتل.
تعطى هذه العطوة بعد العطوة الأولى في العمد والعطوة الثانية والثالثة ويُدفع في العطوة الأولى [1025دينار] وفي الثانية[500] وفي الثالثة [250] ديناراً وعطوة الإقبال قد تكون لشهر، شهرين أو ثلاثة وأقصى مدة لها سنة بعدها تتم الطيبة.
وتعطى بعد اعتراف الجاني لإجراء الصلح ومراسيمه حسب العادات المعترف فيها.
كما تعطى في "جرائم القتل" بعد انتهاء العطاوي الثلاث في الدم [القتيل] بعد السنة الثالثة من العطوة الأولى، وتعطى العطوة الثالثة بعد 4-6 أشهر حتى يتمكن الجاني من تحصيل مصاريف الطيب …
وتقتصر عطوة الإقبال على القتل العمد لتتوفر فرصة لعودة ذوي الجاني حيث تم ترحيلهم لمدة ثلاث إلى سبع سنوات عن أرضهم وبلدهم.
وعطوة الإقبال تمهيد لعودة أهل الجاني إلى مكان سكناهم وتحدد مدتها من يوم إلى شهر ويتم الصلح خلال هذه الفترة في وجود الكفلاء بين الطرفين المتنازعين في قضايا القتل العمد، وفي حال تقطيع الوجه من قبل أهل المجني عليه.
لبّاس الثوب
رجل من المصلحين، والأفضل أن يكون من الأغنياء الكرام يظهر في حالة أخذ عطوة إقرار واعتراف بالذنب من المعتدى عليه، يطلبه ويعينه المعتدى عليه حتى يكون في متناول اليد لدفع أي مبلغ يترتب على الجاني.[33]
يتكفل لبّاس الثوب بدفع كافة ما يُطلب من الجاني للمجني عليه أو ذويه (كفيل دفع)، ويكون بمثابة الوكيل أو النائب عن الجاني أمام أهل المجني عليه والكفل، يلبس ثوب الجاني ويتنقل بين الجاني والمجني عليه، وسمي بهذا الاسم لان الناس كانوا يلبسون ثياباً مميزة في القديم عند القضاء ويكون بمثابة الأخرس[34] ولا يتكلم وما عليه ألاّ الدفع، ويقوم مقام الغريم أمام القوة الطاردة وهو الذي يدفع كل ما رضيت به الجاهة ولا يحق لصاحب الحق ولا للذي عليه الحق أن يرفض لباس الثوب كما لا يحق للباس الثوب الانسحاب من القضية إلا بعد انتهائها.
لبّاس الثوب مفهوم استخدم في عهد الاحتلال، وهو عرف عشيري تداول به الناس في منطقة الخليل بعد العام 1967م – وأصبح المصطلح منتشراً في فلسطين ولكن لا يُعمل به في الأردن أو الدول العربية الأخرى، وكان يسمى قديماً بقائد الجاهة التي تحضر لإجراء الطيب فهو ملزم بكل ما تقوم الجاهة به ومقام الغريم ويجوز للخصم أن يُلزم شخصاً آخر غير قائد الجاهة ليدافع أو يلتزم بما يحكم به القاضي أو ترتضيه الجاهة.
الجـا هــة
الجاهة : عدد من الرجال وما يصطحبونه من لوازم الجاهة.
اما الوجه، فهو الشخص الذي يكون بمثابة الكفيل، ولدى تخلي احد الطرفين عما التزم به ويقترف المخالفات، يكون عرضه للمخالفات حسب ما ترتضيه الجاهة.
والجاهة مجموعة من الناس يتوجهون لبيت المعتدى عليه، وهناك يوضع كفيل على كل ما تتفق عليه الجاهة، ويصبح الشخص الذي يتزل في الوجه هو الخاسر ويجلس عند المنشد.
تتشكل الجاهة من وجهاء القرية او المحافظة وتطلب عطوة بين المتخاصمين على كل خصم وجه ليكفل عدم وقوع المشاكل اما في حالة الاخلال بالوجه فيكون الجاني مغرماً بما يفرضه عليه القاضي، وفي حالة اعطاء وجه غيابي، يكون بمثابة الحاضر حقيقةً ويحمي صاحبه. واذا نزل في وجه الكفيل (الغائب) فحكمه كحكم الحاضر.
الوجه وحقوق الوجه
ساد في المنطقة وجوه يعينون من غير الحضور لكفالة الخصمين (كوجه ابو عرام [35] ووجة ابو اربيعة ووجه ابو عامرية)، وهذه الوجوه اسمها محمي ان كان حاضراً او غائباً [36] ولا يسمح لاي كان ان ينزل في الوجه لانه يترتب عليه التزامات عشيرية كبرى.
الكفالة والكفيل وأنواعها
الكفالة – هي ضم نفس إلى نفس في حالة جناية أو اقتراف (ارتكاب) ذنب أو خصومة بحيث يكون الكفيل جاهزاً لإحضار الذي يكفله بأية صورة وضمان ما يترتب عليه من واجبات.
والكفالة نسبة من المال تقتطع لصالح الكفيل في حالة كون الكفالة خاصة بتسديد أموال منقولة أو أية أموال أخرى وتؤخذ من المكفول له بنسبة معروفة عند الناس وتقدر ب 10%.
والكفالة ضمان والكفيل هو الرجل الذي يكفل والكفالة أنواع منها :
- كفيل دفع – أي دفع كافة ما يستحق المجني عليه [صاحب الحق].
- كفيل منع أو كفيل سوق – حماية الجاني وإحضاره للمجالس كلما طلب ذلك.
- كفيل دفا- حماية الجاني من اعتداءات المجني عليه، وهو الذي يُعرف اليوم بلباس الثوب.
- كفيل دفع -يدفع ما يفرض على الجاني من أموال أمام القضاء.
- كفيل على الحق- كفيل على الجهتين على الجاني وعلى المجني عليه.
وفي حالة دفع الكفيل من جيبه وامتناع الجاني عن الدفع يأخذ الكفيل ضعف ما دفعه من الجاني بحضور رجل اسمه قرَّاع مال.
الدخالة والطنيب – دخالة دم ودخالة عرض
الدخالة – حالة تكون في ارتكاب الجاني كبيرة من الكبائر كالعرض أو الدم فيذهب الجاني خوفاً على نفسه إلى رجل مصلح عزيز في قومه صاحب مال ورجال ويطلب منه الحماية أي يدخل تحت حمايته فيلبي الرجل ذلك ثم يتصل بأهله وبالمعنيين ويقوم هذا العزيز بإجراء ما يلزم لفك النزاع والخصام بين الأطراف.
والدخيل – رجل ضعيف لا قوة له ولا مال، إذا اعتدى عليه أحد الناس الأقوياء وسلب ما عنده أو هتك عرضه أو قتل له إنساناً يقوم ويلتجئ إلى رجل قوي صاحب مال وقوة ويُدخل عليه من أجل أن يحصل له حقه من الجاني.
والدخالة تكون للدم المنُكر ولانتهاك العرض ولا يجاب على الدم إلاّ بعد دفع دخالة.
أما الطنيب- فهو شخص ضعيف وخصمه أقوى منه ولا يريد أن يعطيه حقه فيلجأ الضعيف إلى رجل يكون قوياً ويُطنب عليه لأخذ حقوقه من المنُكر والطنيب لا يأخذ فلوساً مثل الدخالة وشبهها.
في العرف العشيري السائد كان الضعيف يضطر إلى النزوح عن مسكنه والنزول بجوار من يحمونه ويجيرونه، ويقوم المجير بحماية جاره "طنيبه"، ويعطيه أغناماً ومواشي وأرضاً لزرعها ويعيش من ورائها.
وأما القصير فيُعرف بأن يحتمي أو يتدفأ في وجه فلان حاضراً أو غائباً ولصاحب الوجه أن يطالب بحقه.
ومن الحركات المصاحبة للدخالة هي عقد حطة صاحب البيت أو المسك بعمود البيت أو القول أنا داخل على الله ثم داخِل عليك أن تحصل لي حقي من فلان ويكون الرد أبشر ياحياك الله على اللي أقدر عليه.[37]
وإذا دخل المحتمي إلى بيت فيه نساء [ حريم ] وجبت حمايته وتقف النسوة دفاعاً عنه وعن شرف البيت.
المعدود
المعدود أو ما يسمى بـ [قرش الدم] يدفع ثلثه فقط والباقي يوزع على العشيرة إلاّ في حالة العرض والسرقة، ولذلك قيل في المثل الشعبي [السرقة والزنا على صاحبها فقط].
يتفق عصبة الجاني [الأب الأبوة، البنوة، الاخوة، العمومة] أي قريب الرجل كل ذكر يدفع نصيباً. أما في حالة الدية أو الولائم يدفع الجاني الثلث والباقي على الحمولة.
والسبب في ذلك كون الجاني ارتكب الدم باسم عشيرته. وفي ثلث الدم يدفع الجاني المعدود عن أفراد أسرته الذكور مع عشيرته، ومثال ذلك قيمة المبلغ عشرة آلاف دينار أردني، يدفع الجاني 3333 دينار وثلث الدينار ثم يدفع نصيبه مع ذكور أسرته من مبلغ الثلثين الذي تتكفل به العشيرة.
الجريرة :
وهو ما يسوقه الجاني والجاهة معه عند الذهاب لإصلاح ذات البين، أو الطيب، وهي تختلف من حادث إلى آخر في الكم أو النوع، فجريرة القتل يجب أن تشمل عدداً من الذبائح والأرز والسمن وكل ما يلزم لعشاء الجاهة المصاحبة للجريرة، وفي الفترة الأخيرة والحالات العادية أصبحت تقتصر على شوال من الأرز أو السكر أو الاثنين معاً.
المختار- Admin
- عدد المساهمات : 77
تاريخ التسجيل : 13/11/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى